Sunday, May 6, 2007

وفي أخبار الأدب

أصدرت دار ميريت هذا الأسبوع أربعة أعمال أدبية جديدة لأربعة أدباء شبان، هذه الأعمال هي روايات: بمناسبة الحياة للكاتب و الزميل ياسر عبد الحافظ، و سحر أسود للكاتب حمدي الجزار، و النوم مع الغرباء و جبل الزينة للكاتب بهاء عبد المجيد، و أخيرا المجموعة القصصية البلياتشو للقاصة شيماء زاهر.في روايته بمناسبة الحياة يقدم ياسر عبد الحافظ نفسه كروائي متمكن من أدواته لدرجة التلاعب بها بهدف الوصول لأقصي قدر ممكن من التشويق و التناغم.شخصيات الرواية حتي الهامشي منها مرسومة بدقة و مهارة.. هي شخصيات من لحم و دم و ليست مجرد نماذج لحمل أفكار المؤلف بغض النظر عن منطق العمل: سامح بطل الرواية و راويها الفصامي الذي يفكك لنا العالم من حوله بعينين مدربتين علي الفضح و كشف العورات، دون أي تهويمات رومانتيكية، صديقه مظهر بشخصيته الإشكالية الواقف علي عتبات الجنون و الواقع أبدا تحت تأثير المخدرات و الخمور. الرائد أشرف المحاط بأساطير كثيرة، و نصر تاجر المخدرات المشغول بالحلال و الحرام، و غيرهم من الشخصيات الهامشية الضائعة العالقة بين سلطة تقهرها و شارع يطردها.يسقط المؤلف القداسة عن كل شيء و يقلب الصورة المستقرة عن المجتمع المصري، ليظهره كمجتمع بالغ العنف و القسوة يقوم بأكمله علي القهر، قهر السلطة للمواطن و قهر الأقوي للأضعف و قهر الأب للأسرة في سلسلة لا تنتهي فالجميع قاهر و الجميع مقهور.يحسب للرواية لغتها القوية المتفجرة التي تحمل بين ثناياها سخرية عميقة و دفينة حتي من تراث البلاغة العربي ذاته.تنتهي بمناسبة الحياة بجملة دالة مات الذي يعرف كل شيء، و بقي الذي يفهم كل شيء، و ما ضرورة الفهم بدون معرفة.
***و إذا كان ياسر عبد الحافظ ينهي روايته بالموت فإن حمدي الجزار يبدأ روايته سحر أسود به من خلال العجوز الجالس علي دكته الخشبية الصغيرة في مدخل البيت القديم، يخيط الأكفان البيضاء بابتسامة ثابتة تجمدت معها ملامح وجهه، ابتسامة تبدو كأنما تسخر بعمق من الأحياء جميعا.و عبر هذه البداية يدخلنا الجزار بنعومة لعالم روايته الذي يبدو للوهلة الأولي هادئا هدوء الراوي الذي يتأمل الأحداث و الأشخاص و العالم من حوله بنوع من الحياد، لكنه هدوء خادع إذ يخفي تحته أسئلة مقلقة تشكك في كثير من المسلمات.يستفيد المؤلف من مهنة بطله ناصر كمصور تليفزيوني في بناء روايته و نسج مشاهدها، و لا يجعل هذه المهنة مجرد إطار خارجي يمكن الاستغناء عنه. فناصر استغني عن النظر بعينيه منذ سنوات طويلة، و استبدلهما بعدسة الكاميرا التي تضع علي الواقع غلالة رقيقة شفافة، تجعل الألوان الكابية الكالحة ألوانا ساطعة مبهجة و تجعل المشهد مكثفا موجزا مقطوعا من الحياة، شريحة دقيقة واضحة التفاصيل لا تعدم تفصيلة أو لون أو حركة .و بالكلمات السابقة علي لسان الراوي يبدو الجزار كأنما يصف ما يرغب في فعله عبر روايته.
***أما بهاء عبد المجيد فيقدم تجربة جديدة في كتابه، حيث يضم الكتاب روايتين قصيرتين هما النوم مع الغرباء و جبل الزينة، إضافة إلي ست قصص قصيرة هي: فوق تلال فرمونت، مدن أكلها الملح، نقطة تلاق، السقوط من الشرفات، باقة زهور للمسافرة، مقهي نيو كريستال. تتناول النوم مع الغرباء العلاقة بين الشرق و الغرب من خلال شخصية نادر الذي يسافر مع صديقته الأمريكية جاكي إلي أميركا ثم يسجن هناك و يعود مختلفا عما كان يترنح بين علاقته بالفتاه اليهودية جودي و بين عالم الخرتيه انتهاء بمشاركته في المظاهرات المطالبة بانتخابات نزيهة.الرواية مقسمة إلي أماكن و تواريخ محددة حيث تبدأ في بوسطن منتصف التسعينيات، ثم نيوهمبشير 1998،القاهرة 2000، و أخيرا 11 سبتمبر.
***الكتاب الرابع و هو المجموعة القصصية البلياتشو لشيماء زاهر يضم 15 قصة قصيرة منها: أنطونيو و كليوباترا، حكايات الجدة، المركب، فانوس رمضان، بائع الورد، ليلة رأس السنة.تفتتح شيماء مجموعتها بجملة للكاتب الألماني أيرش كيستنر هي: يولد الناس ثم يكبرون... و لكن فقط من يكبر... و يظل بداخله الطفل... هو من يمكن أن نطلق عليه إنسانا. و تبدو قصص المجموعة كلها كأنما تبحث عن الجانب الطفولي من العالم الذي نعيش فيه.