Sunday, May 6, 2007

ده إللي اتكتب عليه في بص وطل

البليتاشو..التشبث بروح الطفولة
كتب- محمد هشام عبيه-"التف الأولاد حول جدتهم وأخذوا يصيحون ويهللون كي تحكي
لهم حكاية، وعندما سمع الرجل صياح أولاده وفهم أن والدته على وشك أن تقص إحدى حكاياتها، حمل الجريدة وجلس بالقرب منهم ووجهه تبدو عليه صورة من يقرأ الجريدة وأذنه تتوق إلى تلك الحكايات التي كان دائما يسمعها ويحبها وهو صغير.."
من أول سطر في هذه المجموعة القصصية، يطل علينا إصرار واضح من القاصة "شيماء زاهر" على أن تعود بنا إلى عالم الطفولة.. ذلك العالم المعطر برائحة الصدق والشقاوة والنقاء والبراءة والحب الخالص الحقيقي، وهي لم تكتف بأن تدور أحداث 6 قصص من مجموع 15 قصة -هي كل محتويات الكتاب- حول عالم الطفولة الرحب بل إنها صدرت الكتاب بعبارة قوية للكتاب الألماني "أيرش كيستنر" يشير فيها إلى أن" من يكبر.. ويظل بداخله الطفل هو من يمكن.. أن نطلق عليه إنساناً".. الهروب إلى عالم الطفولة... ويبدو أن عالم الطفولة النقي كان هو البديل الذي هربت إليه "شيماء زاهر" هرباً من هذا الواقع المتشح بالسواد الذي نعيشه وأملا في البحث عن مشاعر طازجة لم تغزها الكهولة أو تسيطر عليه الشيخوخة. ففي "حكايات الجدة" نتابع بشغف إنصات الأب إلى الحكايات التي تحكيها الجده لأحفادها ويلحظ تحولا في صوتها وفي روحها التي يبدو أن تعب السنين قد ترك فيها أثرا. وفي قصة "فانوس رمضان" نرى إصرار الطفلة الصغيرة في أن يشتري لها الأب فانوساً آخر يخرج أصواتاً ويقول "رمضان كريم"، وفي "الفراشة" نظل نبحث طوال القصة مع الطفل الصغير عن تلك الفراشة التي كانت تزوره ليلا وتؤنس حياته وتضفي عليها الكثير من البهجة. وفي "الطائرة الورقية" ترتفع أحلامنا وطموحاتنا مع طائرة الطفل الصغير الذي لم يستطع أن يتكيف مع أقرانه في الحي الجديد الذي نقل مسكنه إليه ونصفق له وهو يحرز تفوقاُ علي كل زملائه وطائرته ترتفع إلى فوق... أعلى وأعلى. أما في"البلياتشو" فتنتابنا الحسرة والدهشة تماما مثلما حدث للطفة الصغيرة عندما فوجئت بأن "البلياتشو" عندما ينزع قناعه الملون ليس سوى شخص آخر عادي مثلنا. الغوص في عالم المهمشين... باقي قصص المجموعة لم تخل هي الأخرى من رابط يجمعها، وبدا من الواضح أن عالم المهمشين الثري أغرى الكاتبة بالغوص فيه، فمن "عسكري المرور" الذي يظن أنه يملك الكون عندما يستجمع "زمام نفسه ويعبئ صدره بالهواء" ويطلق صفارته المميزة لتنظيم حركة المرور.. إلى "البوسطجي" الذي يصر علي أن يوصل أحد الخطابات إلى صاحبته رغم أن العنوان مكتوب بشكل خاطئ، إلى "الكومبارس" الذي يعيش حلمه الأكبر بأن يرى اسمه ذات يوم على أفيش أحد الأفلام. "البلياتشيو" هي أولى المجموعات القصصية لـ"شيماء زاهر"، وصدرت مؤخراً عن دار ميريت للنشر